الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حقيقة قتل العمد أن يقصد القتل بما يقتل غالبًا، وحقيقة شبه العمد أن يقصد جناية بما لا يقتل غالبًا. فالتفريق بينهم يتوقف على أمرين:
1- القصد
2- نوع الآلة المستخدمة في القتل
وعليه فإن كان الرجل قصد القتل وكانت المادة والكمية التي وضعها في الطعام أو الشراب تقتل غالبًا، ومات على إثر ذلك كان هذا قتل عمدٍ ويترتب عليه:
1- الإثم؛ لأنه قتل نفسًا معصومة حرم الله قتلها
2- الحرمان من الميراث إن كان القاتل وارثًا للمقتول
3- القودُ؛ أي القصاص. إن كان القاتل مكلفًا زمن القتل
4- الكفارة فيما إذا عفى أولياء المقتول. وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتباعين. وليس في كفارة القتل إطعام ستين مسكينًا على خلافٍ في ذلك
5- الدية: إذا عفى أولياء المقتول عن القصاص وطالبو بالدية، والدية هنا في مال الجاني لأن القتل قتل عمد.
وأما إذا كانت المادة التي وضعها في طعام الميت أو شرابه لا تقتل غالبًا أو كانت الكمية قليلة بحيث لا تقتل عادة فإن هذا ليس من قبيل قتل العمد ولو كان قاصدًا للقتل.
وهل هو شبه عمد؟ إن كانت المادة سببت الوفاة كان شبه عمدٍ ويترتب عليه:
1- الأثم
2- الدية المغلظة على العاقلة
3- الكفارة
وإن لم تكن المادة سببت الوفاة لم يكن شبه عمدٍ. ويعرف ذلك بالرجوع إلى الأطباء، لا سيما في هذا الزمن الذي تطور فيه الطب، ويمكن فيه معرفة سبب الوفاة بيسر وسهولة.
وقول بعضكم إنه قتل خطأ لا وجه له هنا؛ لأنه إن كانت المادة سبب الوفاة تردد بين كونه قتل عمدٍ أو شبه عمدٍ، وإن لم تكن سبب الوفاة لم يكن قتل خطأ لأنه لم يقتله أصلاً.
والله أعلم.