الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقطة لا تُدفَع لمدَّعيها إلا إن وصفها بصفتها، ولذلك لم يجز للملتقط أن يعرِّفها باستيعاب صفاتها، لئلا يدعيها غير مالكها، فإن استوعب صفاتها كان ضمانها عليه، إن تبين كون من أخذها ليس هو ربها.
قال النووي في روضة الطالبين: ولا يستوعب الصفات، ولا يبالغ فيها، لئلا يعتمدها الكاذب، فإن بالغ، ففي مصيره ضامنا وجهان.. أصحهما: الضمان. اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ولا يستوعبها، أي يحرم عليه ذلك، لئلا يعتمدها كاذب، فإن فعل ضمن، كما صححه في الروضة. اهـ.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ولا يصفه، أي: لا يصف ما يعرفه، بل يقول: من ضاع منه شيء، أو من ضاع منه نفقة، قاله في المحرر، وفي المغني، والشرح، فيقول: من ضاع منه ذهب، أو فضة، أو دنانير، أو دراهم، أو ثياب، ونحو ذلك، انتهى، لكن اتفقوا على أنه لا يصفها؛ لأنه لا يؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها، فتضيع على مالكها، ومقتضى قولهم: لا يصفها ـ أنه لو وصفها فأخذها غير مالكها بالوصف، ضمنها الملتقط لمالكها، كما لو دل الوديع على الوديعة من سرقها. اهـ.
ولذلك، فقد أخطأ السائل عندما رفع اللقطة، ورآها من يسألهم عنها، فإن تمكينهم من رؤيتها في حكم استيعاب وصفها لهم! ولذلك فإن ضمانها عليه، إن جاء آخر ووصفها بصفتها، أو أقام بينة على ملكها.
قال ابن قدامة في المغني: لو جاء مدع للقطة، فلم يصفها، ولا أقام بينة أنها له، لم يجز دفعها إليه، سواء غلب على ظنه صدقه، أو كذبه؛ لأنها أمانة، فلم يجز دفعها إلى من لم يثبت أنه صاحبها، كالوديعة، فإن دفعها، فجاء آخر فوصفها، أو أقام بينة، لزم الدافع غرامتها له؛ لأنه فوتها على مالكها بتفريطه، وله الرجوع على مدعيها؛ لأنه أخذ مال غيره، ولصاحبها تضمين آخذها، فإذا ضمنه لم يرجع على أحد. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى: 103855.
والله أعلم.