الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلع التي تتفاوت في الجودة والطعم، ويكون لذوقها أثر في ثمنها والرغبة في شرائها، قد جرى العرف بالإذن لمريد شرائها بتذوق القدر اليسير الذي يفي بحاجته منها.
قال المرداوي في الإنصاف: لا بأس بذوق المبيع عند الشراء، نص عليه - يعني الإمام أحمد - لقول ابن عباس، وقال الإمام أحمد مرة: لا أدري، إلا أن يستأذن، نص عليه. اهـ.
وقال ابن مفلح في المبدع: لا بأس بذوقه حال الشراء، نص عليه، وقاله إبراهيم النخعي، وقال سفيان: العفة أحب، نقل حرب: لا أدري، إلا أن يستأذنه. اهـ.
وقد جمع الحجاوي في الإقناع بين القولين، فقال: ولا بأس بذوق المبيع عند الشراء مع الإذن. اهـ.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ولا بأس بذوق المبيع عند الشراء، نص عليه؛ لقول ابن عباس، ولجريان العادة به، ونقل حرب: لا أدري، إلا أن يستأذنه، فلذا، قال: مع الإذن، وكأنه جمع بين الروايتين، لكن قدَّم الأُولى في الفروع، والمبدع، والإنصاف، وغيرها. اهـ.
والمقصود أن ذوق المشتري للطعام الذي يريد شراءه بالقدر الذي يعرف به طعمه، أو جودته، لا بأس به -إن شاء الله-
فإذا كان المشتري يقتصر على هذا القدر، فلا داعي لما يفعله صديق السائل، وأما إذا كان المشتري يتناول ما هو فوق هذا القدر، مما لم يجر به عرف ولا عادة، فعليه أن يمنعه، أو يذكر له أنه سيخصم قدره من الوزن، على سبيل المقاربة والاجتهاد، ليكون المشتري على علم، ولا ينسب البائع إلى الغش، أو يذكر البائع ذلك لصاحب المحل ويستأذنه في التسامح مع مثل هذا المشتري، ليرفع الحرج عن نفسه.
والله أعلم.