الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تكبير المسبوق عند قيامه لقضاء ما فاته من الصلاة اختلف فيه أهل العلم؛ فقال بعضهم؛ يقوم بالتكبير إذا حصل مع الإمام شفعا -ركعتين-، أو حصل معه أقل من ركعة، ولا يقوم بالتكبير إذا حصل معه وترا -ركعة واحدة، أو ثلاث ركعات-.
جاء في نظم المرشد المعين لابن عاشر: كَبَّرَ إنْ حَصَّلَ شفَعْاً أو أَقَلْ مِنْ رَكْعَةٍ، والسهْوَ إذْ ذَاكَ أحْتَمَلْ.
قال ميارة في شرحه: كبر إن حصل شفعا، أو أقل من ركعة، ومفهومه أنه لو حصل له ركعة فأكثر، ولم يكن ما حصل له شفعاً، بل وترا: ثلاثة، أو واحدة... فإنه يقوم بغير تكبير؛ لأن التكبيرة التي يقوم بها جلس بها مطاوعة للإمامة، فهي بمنزلة من كبر ليقوم فعاقه شيء، ثم أمكنه القيام، فلا يكبر تكبيرة أخرى.
وقال ابن الماجشون: يكبر مطلقاً، ورأى أن التكبير إنما هو للانتقال إلى الركن.. قال شيخنا أبو عبد الله القروي: وأنا أفتي به للعوام، لئلا يلتبس عليهم الأمر، ويتشوشون. انتهى.
ولعل هذا القول هو الأولى، والأقرب للسنة، ويستأنس له بعموم ما صح عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنه كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ.
إلى غير ذلك من أقوالهم، وتجدها في الفتوى: 454306. وما أحيل عليه فيها.
وعلى ذلك؛ فإن قولك: إذا كانت ركعتي الأولى، أو الثالثة؛ فإنني أقف دون أن أقول أي شيء. فإن كان قصدك أن الذي فاتك من صلاة الإمام هو الركعة الأولى من الرباعية، أو الثنائية؛ فإن قيامك بدون تكبير صحيح؛ لأنك لم تحصل شفعا مع الإمام.
وأما قولك: وإذا كانت ركعتي الثانية، فإنني أقف وأقول: الله أكبر. فإن كان قصدك أنك أدركت مع الإمام الركعة الثانية من المغرب؛ فإنه صحيح أيضا؛ لأنك حصلت مع الإمام شفعا، وتقوم بالتكبير كذلك إذا حصلت مع الإمام أقل من ركعة من أي صلاة.
والقاعدة -في القول المشهور- عند المالكية: أن من حصل مع الإمام شفعا، أو قل من ركعة قام بالتكبير، ومن حصل معه وترا -واحدة، أو ثلاث- قام بغير تكبير؛ لأن التكبيرة التي يقوم بها جلس بها متابعة للإمام.
والقول الآخر عندهم هو: أن التكبير يكون عند القيام مطلقا، بغض النظر عن كون المسبوق أدرك شفعا، أو وترا.
والحاصل: أن صلاة المسبوق صحيحة إذا قام بتكبير، أو بغير تكبير.
والله أعلم.