الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المفتى به عندنا أن معاهدة الله على فعل عمل مباح، أو تركه؛ تجري مجرى اليمين. فمن نقض عهده مع الله فيها؛ كفر كفارة يمين. وانظر الفتويين: 453487، 7375
وعليه؛ فإن نقضت ما عاهدت الله عليه؛ فعليك كفارة يمين.
قال ابن قدامة في المغني: إذَا حَلَفَ بِالْعَهْدِ، أَوْ قَالَ: وَعَهْدِ اللَّهِ، وَكَفَالَتِهِ، فَذَلِكَ يَمِينٌ، يَجِبُ تَكْفِيرُهَا إذَا حَنِثَ فِيهَا. اهـ.
وأما حكم الإكثار من معاهدة الله، فإنه ينبني على حكم الإكثار من اليمين، فقد ذهب العلماء إلى أن كثرة الحلف أمر مذموم، ومن ثم حكموا بكراهته.
قال ابن مفلح في المبدع: (وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفِ) كَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ، وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ.
وَصَرَّحَ بِهَا فِي الرِّعَايَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10]. هَذَا ذَمٌّ لَهُ، يَقْتَضِي كَرَاهَةَ فِعْلِهِ.
فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى حَدِّ الْإِكْثَارِ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، إِلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُكْثِرُ الْحَلِفَ، لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224]. انتهى.
وأما نقض العهد: فإذا كان ما عاهدت الله عليه أمرا مباحا لا محظور فيه، فأنت مخير بين إمضائه، أو الحنث، فإن الحنث في اليمين ليس معصية، إلا إذا كانت يمينا على ترك محرم، أو على فعل واجب، كما بيناه في الفتوى: 394039
والله أعلم.