الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتَه يعد من قبيل السمسرة؛ إذ السمسرة هي: الوساطة بين البائع والمشتري؛ لإتمام البيع، أو الدلالة على البضاعة، وهي جائزة، إذا لم تتضمن إعانة على بيع محرم، أو الدلالة على ما يحرم بيعه، أو التعامل فيه.
والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعالة.
ففي المدونة: في جُعْل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم، سألت مالكًا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزًّا، ويجعل له في كل مائة يشتري بها بزًّا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجُعْل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجُعْل. انتهى.
واختلاف الشركات في تحديد من له الجُعل من العاملين، لا بأس به إذا كان خاضعًا لقواعد منضبطة، بحيث لا يفضي العمل بها إلى النزاع والغرر.
والصور التي ذكرتَها تختلف: فالصورة الثانية وهي التي يُحدد فيها المستحق للعمولة بأنه من جاء بالزبون أولا، ويبقى حقه إلى مدة شهر. هذا الصورة لا يظهر فيها حرج.
وكذلك الصورة الثالثة: وهي التي يستحق فيها العمولة من جاء بالزبون فقط. فلو جاء به سمسار، ولم يشتر، ثم جاء به سمسار آخر واشترى، فيستحق السمسار الثاني العمولة. فهذه الصورة جائزة أيضا بشرط: أن تحدد الشركة للعاملين معها إحدى الطريقتين لتحديد المستفيد من الجُعل.
وأما الحالة الأولى: فلم يتضح لنا مقصودك مما وصفت فيها، ولكن نقول: إن كانت الشركة لديها نظام تعمل به، لكنه يخفى على السمسار، فيستفسر عنه حتى لا يقع النزاع والغرر، فإن لم تحدد الشركة المستحق، وإنما تختاره بحسب ما ترتئيه من السماسرة، دون معرفتهم لنظامها؛ فلا تصح السمسرة للجهالة المترتبة على ذلك، بل هي أولى من جهالة الجُعل الذي هو شرط في صحة الجعالة، والسمسرة من بابها كما تقدم.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 441862 ، 350650.
والله أعلم.