الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن أهل العلم اختلفوا أصلا في جواز ابتداء الكافر بالسلام، فقال بعضهم: لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام... الحديث. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.
وهذا نص صريح في ترك ابتدائهم بالسلام. قال في "سبل السلام": وإلى التحريم ذهب جمهور السلف والخلف، وقالت طائفة بجواز ابتدائهم بالسلام، واستدلوا على ذلك بأدلة تحتمل التأويل، مثل قول إبراهيم عليه السلام لأبيه: "سلام عليك" وهذا يحتمل أن يكون المراد بالسلام هنا المسالمة، أي المتاركة، وغير ذلك من الأدلة التي ليست صريحة في بابها، وإلى هذا القول ذهب طائفة من الشافعية، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ولا شك أن القول الأول أحوط وأبرأ للذمة.
وعليه، فإذا مررت برجل مشرك فلا تبدأه بالسلام، وأما إن خفي حاله عليك، ففي المسألة تفصيل:
فإن كان الغالب على أهل البلاد أنهم مسلمون فلك أن تسلم على من خفي عليك حاله منهم، وكذلك إن غلب على ظنك أن هذا الشخص مسلم فيشرع لك أن تسلم عليه، وإن كان أكثر أهل البلد غير مسلمين.
وكذلك إن مررت على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، فإنك تسلم عليهم، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلم عليهم... الحديث مختصرا.
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان أوصاف الذين لا يلقى عليهم السلام، فنحيل السائل إليها، وهي برقم: 22358، وكذلك الأحوال التي يكره فيها البدء بالسلام تقدمت في الفتوى رقم: 39149.
والله أعلم.