الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن النصوص قد جاءت بالحرمان من مغفرة الذنوب، وعدم عرض الأعمال على الله -تعالى-، وعدم رفعها للمتهاجرين من المسلمين، ولا يختص هذا الوعيد بشهر رمضان.
فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
وليس كل من هجر أخاه يلحقه الوعيد، بل يلحق من كان هجره لأمر دنيوي.
وأما إن كان الهجر لأمر معتبر شرعًا؛ كالخوف على ضرر في الدين، أو الدنيا؛ فلا يلحق صاحبه هذا الوعيد.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ. انتهى.
وبناء على ما تقدم؛ انظري في حالك مع صديقتيك: هل كان هجرك لهما من أجل حظوظ نفسك، أم غيرة على الدين، ولأجل البغض في الله -تعالى-، ودفع الضرر.
وننبه إلى خطورة السباب بين المسلمين، والاتهام في العرض، وأن من اقتص ممن سَبَّه من غير تجاوز للحد لا إثم عليه.
ولمزيد الفائدة، نرجو مطالعة الفتوى: 364813، والفتوى: 456370.
والله أعلم.