الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التنبه إلى أمر مهم، وهو: أن الوالد في الغالب غير متهم في محبة ولده، والشفقة عليه، وحب الخير له، وما يتخيل إلى بعض الأبناء مما هو خلاف ذلك، إنما هو أوهام، ووساوس، لا أساس لها من الصحة غالبا.
وعلى فرض أن أمك قصرت في أمرٍ تجاهك، أو فضلت عليك بعض إخوانك، فهذا لا يسقط حقّها العظيم عليك في البر والإحسان، وقد عقد البخاري في كتابه: الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما. وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين -يعني: من الجنة- وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
فالواجب عليك برّ أمّك، والإحسان إليها على كل حال.
وبخصوص سؤالك: فقد سبق أن بيَّنا في كثير من الفتاوى؛ أنّ نفقات الدراسة الجامعية لا تدخل في النفقة الواجبة على الوالد، ولكنها تبرع وإحسان، وانظر الفتوى: 59707.
والمفتى به عندنا؛ وجوب التسوية بين الأولاد في الهبات والعطايا، ما لم يكن لبعضهم حاجة تقتضي تفضيله، فإن كانت أمّك خصت أخاك الأصغر بالإنفاق عليه في الدراسة الجامعية حتى أتمّها؛ فربما كان لها مسوّغ في تخصيصه، وراجع الفتوى: 6242.
وعلى فرض أنّ أمّك خصّت أخاك بالتفضيل دون مسوّغ، وأنك علمت أنّ أمّك أعطت لجدتك المال لتقرضك، وكذا إعطاؤك أمك مبلغًا من المال كل شهر مساعدة، بناء على طلبها؛ كل ذلك لا يسقط عنك قضاء الدين الذي استَدَنْتَه من جَدَّتِك. فعليك قضاء الدين متى قدرت عليه؛ إلا إذا أبرأَتْك جدتك منه.
ولك أن تطالبها بأدب ورفق بالعدل بينك وبينك إخوانك، وتبين لها الحكم الشرعي بحكمة، وموعظة حسنة.
والله أعلم.