الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا القادم ليس هو الإمام الراتب للمسجد، فلا يصح تقديمه للصلاة في أثنائها، لأن الاستخلاف في أثناء الصلاة لا يصح إلا لعذر، ولا عذر هنا.
وأما إذا كان هذا الداخل هو الإمام الراتب جاز عند بعض أهل العلم لمن يصلي بالناس الرجوع، وتقديمه للصلاة، مستدلًّا بما فعل أبو بكر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأولى ترك ذلك، خروجا من الخلاف.
قال البهوتي في شرح الإقناع: وَإِنْ أَحْرَمَ إمَامٌ لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ، أَيْ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ، أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ لِإذْنِهِ، أَيْ: إذْنِ إمَامِ الْحَيِّ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ مَكَانَهُ، ثُمَّ حَضَرَ إمَامُ الْحَيِّ فِي أَثْنَائِهَا، أَيْ: الصَّلَاةِ، فَأَحْرَمَ بِهِمْ، أَيْ بِالْمَأْمُومِينَ الَّذِينَ أَحْرَمُوا وَرَاءَ نَائِبِهِ، وَبَنَى إمَامُ الْحَيِّ عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ خَلِيفَتِهِ، وَصَارَ الْإِمَامُ الَّذِي أَحْرَمَ أَوَّلًا مَأْمُومًا، جَازَ ذَلِكَ وَصَحَّ، لِمَا رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَهَبَ إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ، وَالْأَوْلَى لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ ذَلِكَ، وَيَدَعُ الْخَلِيفَةَ يُتِمُّ بِهِمْ الصَّلَاةَ، خُرُوجًا مِنْ الخلاف. انتهى.
وحيث جاز الاستخلاف، فإن كيفية صلاة من يستخلف في أثناء الصلاة مبينة في الفتويين التاليتين: 53433، 398416.
والله أعلم.