الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى من المعصية إلى الطاعة، وعلى المرء أن يعلم أن التوبة محبوبة إلى الله تعالى لقوله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ(البقرة: من الآية222)، وأنها سبب للفلاح؛ لقوله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(النور: من الآية31)، وأنها واجبة على كل مسلم؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً(التحريم: من الآية8).
واعلم أن التوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع رد المظالم إن كان عند التائب مظالم للناس من دم أو مال أو عرض، واستحلالهم منها، أي طلب المسامحة منهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. أخرجه البخاري.
فعليك أن تتحلل من هذه الفتاة إن أمكن مع الأمن من الفتنة أي تطلب منها المسامحة من تعديك على عرضها اليوم، أي في الدنيا قبل أن لا يكون دينار ولا درهم يوم القيامة، فإن حقوق العباد إن لم يأخذوها الآن فسوف يأخذونها يوم القيامة حسنات أو تخلصاً من سيئات كما في الحديث السابق، لكن إن خشيت إن أخبرتها أن يحدث ما هو أكبر من الضرر وأن تجرح كرامتها فلا تخبرها، ويكفيك أن تدعو لها وتستغفر لها، وتحسن إليها في مقابل إساءتك إليها، وعليك أن تكثر من الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
والله أعلم.