الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الركعتان بعد العشاء، فإن كان مرادك سنتها البعدية، فإن وقتها من بعد صلاة العشاء إلى نصف الليل اختيارا، ثم هو بعد نصف الليل إلى الفجر وقت ضرورة.
فينبغي أن تصلي هاتين الركعتين في وقتهما المختار، ولا تؤخرهما إلى وقت الضرورة إلا لعذر. وراجع الفتوى: 29625.
وأما الركعات الأربع المسؤول عنها: فهذه الآثار التي ذكرها ابن أبي شيبة في مصنفه مع تتمتها، ليس فيها تقييد لوقت تلك الركعات، وإنما فيها الإخبار باستحباب فعلها بعد العشاء فحسب، وهذا شامل لما بعد العشاء مباشرة، أو لما بعدها بفاصل ولو كان في ثلث الليل الآخر، فإن هذا كله يصدق عليه أنه بعد العشاء.
وهذه الركعات من جملة صلاة الليل -كما قال الشوكاني- ولا تصح الأحاديث المقيدة لفعلها بكون ذلك في المسجد.
قال الشوكاني -رحمه الله-: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِن الْمَسْجِدِ كَانَ كَعِدْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَصِحَّ، وَأَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْبَيْتِ، وَلَمْ يَرِدْ التَّقْيِيدُ بِالْمَسْجِدِ إلَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورَيْنِ.
فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِيهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِي إسْنَادِهِ مَنْ تَقَدَّمَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَيَكُونُ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ لِضَرُورَةٍ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ اقْتَضَتْ ذَلِكَ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتِّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ. انتهى.
وعليه؛ ففي أي وقت من الليل صليت تلك الركعات، رجي حصول الثواب المذكور إن شاء الله.
والله أعلم.