الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك على هذه الحال، فلا شك أنه على خطر عظيم، وخاصة فيما ذكرت من سبه الله سبحانه؛ فإن هذا من المكفرات القولية التي تخرج صاحبها عن ملة الإسلام، ولا يعذر صاحبه بجهل ونحو ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ومن سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا، أو جادا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برسله، أو كتبه، قال الله تعالى: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم. انتهى.
ومن يسب الله عز وجل لا يُستغرب أن يحدث منه ما ذكرت بخصوص الصلاة، أو الحديث النبوي، ونوصيك بأن تكثر من الدعاء له بخير، وتسأل المولى سبحانه له الهداية، فهو الذي يملكها، قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ {الأنعام:125}.
ولكن الأولى أن تكون النصيحة ممن ترجو أن يسمع أبوك لقوله من أهل الفضل، والحكمة، والرأي، فإن وجدته فسلطه عليه، عسى الله أن يجعله سببا لهدايته.
ولا حرج عليك في ترك نصحه إن كان يؤدي عكس المقصود، فالنصيحة مطلوبة شرعا لتحقيق أغراضها، لا الإتيان بالعكس، قال الله سبحانه: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى {الأعلى:9}.
قال السعدي في تفسيره: فذكِّر بشرع الله، وآياته، إن نفعت الذكرى، أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة -سواء حصل من الذكرى جميع المقصود، أو بعضه- ومفهوم الآية: أنه إن لم تنفع الذكرى -بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير- لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًّا عنها. اهـ.
والغضب عند انتهاك حرمات الله مطلوب شرعا، ولكن يجب الحذر من أن يترتب على ذلك أي نوع من الإساءة للأب يمكن أن يتأذى منها، ولو مجرد التأفيف والضجر، فيترتب على ذلك الوقوع في العقوق.
نقل العيني في كتابه عمدة القاري، عن الشيخ تقي الدين السبكي، وهو يبين ضابط العقوق، أنه قال: إن ضابط العقوق: إيذاؤهما بأي نوعٍ كان، من أنواع الأذى، قلّ، أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان؛ بشرط انتفاء المعصية. انتهى.
والله أعلم.