الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الحنفية أن أكثر الحيض عشرة أيام، ومذهب الأئمة الثلاثة أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما، وهو الذي نفتي به. وانظري الفتوى: 118286.
وكون أكثر الحيض سبعة عشر يوما، هو رواية عن أحمد والشافعي، وهو مذهب ابن حزم.
قال ابن قدامة: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ الْخَلَّالُ: مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ، وَأَكْثَرَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَقِيلَ عَنْهُ: أَكْثَرُهُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ فِي أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ. انتهى.
وقال ابن حزم محتجا لهذا القول، ما عبارته: وَأَمَّا مَنْ قَالَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَيْضٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ، قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: أَنَّ الثِّقَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَحِيضُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل، قَالَ: أَكْثَرُ مَا سَمِعْنَا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْ نِسَاءِ آلِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحِضْنَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَالَ عَلِيٌّ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ، فَإِذَا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ، فَوَجَبَ الِانْقِيَادُ لِذَلِكَ. وَصَحَّ أَنَّهَا مَا دَامَتْ تَرَاهُ فَهِيَ حَائِضٌ، لَهَا حُكْمُ الْحَيْضِ، مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ، أَوْ إجْمَاعٌ فِي دَمٍ أَسْوَدَ أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا. وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ دَمٌ أَسْوَدُ وَلَيْسَ حَيْضًا، وَلَمْ يُوَقِّتْ لَنَا فِي أَكْثَرِ عِدَّةِ الْحَيْضِ مِنْ شَيْءٍ، فَوَجَبَ أَنْ نُرَاعِيَ أَكْثَرَ مَا قِيلَ، فَلَمْ نَجِدْ إلَّا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَقُلْنَا بِذَلِكَ. انتهى.
ولم نقف على نسبة هذا القول إلى الأوزاعي، لكنه قول معتبر قوي -كما رأيت- فإن كان العمل به أرفق بك، وأوفق لك، فلا نرى مانعا من أن تقلدي من يختاره.
ولبيان ما يفعله العامي حيث اختلفت الأقوال، انظري الفتوى: 169801.
والله أعلم.