الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دامت الجهات المتعاقد معها هي التي تتيح تقديم هذا الخطاب، فلا نرى عليك حرجًا في قبول التعويض الذي تحكم به، وكذلك لا حرج على المقاول في حال حصول خسائر غير معتادة بأسباب خارجة عن قدرته، وليس نتيجة تقصير، أو إهمال منه، أن يرفع أمره للقاضي، والمطالبة بتسوية عادلة لحقوق، والتزامات عقد المقاولة المتراخي الزمن.
فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بشأن الظروف الطارئة، وتأثيرها في الحقوق، والالتزامات العقدية، ما يلي:
أولا: في العقود المتراخية التنفيذ -كعقود التوريد، والتعهدات، والمقاولات- إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلا غيّر الأوضاع، والتكاليف، والأسعار تغييرا كبيرا، بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد، فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير، أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزاماته، فإنه يحق للقاضي في هذه الحال عند التنازع، وبناء على الطلب تعديل الحقوق، والالتزامات العقدية بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز له أن يفسخ العقد فيما لم يتم تنفيذه منه إذا رأى أن فسخه أصلح، وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للملتزم له صاحب الحق في التنفيذ يجبر له جانبا معقولا من الخسارة التي تلحقه من فسخ العقد، بحيث يتحقق عدل بينهما دون إرهاق للملتزم، ويعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعا رأي أهل الخبرة الثقات.
ثانيا: ويحق للقاضي أيضا أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزم له كثيرا بهذا الإمهال.
هذا، وإن مجلس المجمع الفقهي يرى في هذا الحل المستمد من أصول الشريعة تحقيقا للعدل الواجب بين طرفي العقد، ومنعا للضرر المرهق لأحد العاقدين بسبب لا يد له فيه، وأن هذا الحال أشبه بالفقه الشرعي الحكيم، وأقرب إلى قواعد الشريعة ومقاصدها العامة وعدلها. اهـ.
وراجع للفائدة الفتويين: 9215، 73493.
والله أعلم.