الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس سؤال العفو هو عين طلب المغفرة، لا لغة ولا شرعا، ولذا فإن سؤال العفو لا يقوم مقام الواجب من الاستغفار عند من أوجبه؛ كسؤال المغفرة بين السجدتين، عند الحنابلة، والمغفرة أبلغ من العفو عند كثير من أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: العفْوُ مُتَضَمِّنٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ قِبَلِهِمْ وَمُسَامَحَتِهِمْ بِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِقَايَتِهِمْ شَرَّ ذُنُوبِهِمْ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْعَفْوِ الْمُجَرَّدِ؛ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ يَعْفُو، وَلَا يُقْبِلُ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُ. فَالْعَفْوُ تَرْكٌ مَحْضٌ، وَالْمَغْفِرَةُ إحْسَانٌ وَفَضْلٌ وَجُودٌ. انتهى.
فينبغي للمسلم أن يجمع بين هذه الأدعية، وأن يكثر من الاستغفار ما أمكن، وأن يسأل الله العفو كذلك كثيرا، فإنه أمر حسن.
ولا بأس بتكرار سؤال العفو خمسين مرة، أو مائة مرة، أو أكثر أو أقل، ما لم يعتقد أن لهذا العدد المخصوص الذي رتبه فضلا معينا، حذرا من الدخول في حد البدعة الإضافية.
وأما قيام سؤال العفو مقام الاستغفار، فقد بينا جوابه، وأنه لا يقوم مقامه.
والله أعلم.