الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال؛ أن الزوج أمر زوجته بجمع الأغراض، وهددها بأنّه سيطلقها إذا لم تجمعها، وفي المرة الأخرى أمرها بالخروج من الغرفة، وهددها بأّنه سيطلقها إذا لم تخرج، ولم يكن قاصدا إيقاع الطلاق في المرتين، فإن كان ما فهمناه صحيحا؛ فلم يقع الطلاق في المرتين؛ لأنّ الصيغة المذكورة صيغة توعد وتهديد بإيقاع الطلاق، وليست صيغة تعليق؛ وعليه، فلا يقع الطلاق بها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد، ولا يستحب. انتهى من مجموع الفتاوى.
وإذا فرض أنّ الصيغة تحتمل الوعد، وتحتمل التعليق؛ فهي كناية لا يقع الطلاق بها بغير نية إيقاعه، والقول في ذلك قول الزوج، لأنّه أدرى بنيته، وراجع الفتويين: 459379، 318343.
وإذا نوى الزوج الطلاق، وعلقه على عدم جمعها الأغراض، أو على عدم خروجها من الغرفة، أو غير ذلك؛ فطلاقه يقع إذا حصل ما علق عليه الطلاق حسب نيته؛ فإن قصد جمعها الأغراض، أو خروجها من الغرفة على الفور؛ وقع الطلاق إذا تأخرت، وإن قصده خلال زمن معين؛ فلا يقع طلاقه إذا فعلته خلال هذا الزمن.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص....... ومنها، أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.
وما دام في المسألة تفصيل يتوقف على معرفة نية الزوج؛ فالصواب أن يشافه الزوج من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم والديانة، ويعمل بفتواهم.
وننبه إلى أنّ التهديد بالطلاق مسلك غير سديد، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.