الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الدعاء بما ذكرت، فكل الأمور المباحة الممكنة غير المستحيلة عادة فإنه يجوز للمؤمن الدعاء بها، كما جاء في الحديث عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع. أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب .اهـ. وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
وإنما الممنوع هو الاعتداء في الدعاء: كطلب المحرمات، أو الدعاء بالممتنعات عادة.
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: وقوله تعالى {إنه لا يحب المعتدين} قيل المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء، كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء، وغير ذلك. وقد روى أبو داود في سننه عن {عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: يا بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور، والدعاء} وعلى هذا؛ فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات. وتارة يسأل ما لا يفعله الله، مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية: من الحاجة إلى الطعام والشراب. ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولدا من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله. اهـ.
والله أعلم.