الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصيغة تعتبر من قبيل الوعد بالطلاق، والوعد بالطلاق لا يقع به الطلاق، بل ولا يستحب الوفاء به كما ذكر أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد، ولا يستحب. انتهى.
وننصح بالحذر من التساهل في التلفظ بالطلاق وجعله وسيلة لحل مشاكل الحياة الزوجية، فعواقبه وخيمة في الغالب، ولذلك ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأصل فيه التحريم.
قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص، فإذا كان بلا سبب أصلًا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها؛ ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى... فحيث تجرّد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا {النساء:34} أي: لا تطلبوا الفراق. انتهى.
وينبغي الحرص على كل ما يجلب الوفاق والمودة، واجتناب كل ما يدعو للخصام والشقاق، وما يكون مدخلا للشيطان، فمن شأن الشيطان الحرص على التفريق بين الأحبة، وتشتيت شمل الأسرة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال - فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
وعلى الزوجة أن تعرف لزوجها قدره ومكانته، فقد جعل الله سبحانه له القوامة عليها، فتعاليها عليه قد يترتب عليه نشوزها ومعصيتها لله عز وجل.
والله أعلم.