الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضرورة والحاجة التي تنزل منزلتها، كالإكراه: لا يتحقق إلا بأمر واقع، لا منتظر، فإن المنتظر قد يكون وهما لا ينبني عليه حكم.
قال الشاطبي في الموافقات: فأنت ترى بالاستقراء أن المشقة الفادحة لا يلحق بها توهمها، بل حكمها أضعف، بناء على أن التوهم غير صادق في كثير من الأحوال، فإذًا ليست المشقة بحقيقية، والمشقة الحقيقية هي العلة الموضوعة للرخصة، فإذا لم توجد كان الحكم غير لازم... اهـ.
وقال عميرة في حاشيته على شرح المحلي: لو كانت الحاجة غير ناجزة، فهل يجوز الأخذ لما عساه يطرأ؟ الظاهر: لا، كاقتناء الكلب لما عساه يكون من الزرع ونحوه. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: شروط الإكراه أربعة - وذكر منها: أن يكون ماهدده به فوريا، فلو قال: إن لم تفعل كذا ضربتك غدا، لا يعد مكرها... اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: للأخذ بمقتضى الحاجة من الترخص يشترط أن يكون سبب الحاجة موجودا فعلا، وليس منتظرا، واعتبار وجود الحاجة شرطا للأخذ بمقتضاها إنما هو فيما شرع من الرخص لما يوجد من أعذار. اهـ.
وجاء فيها أيضا: يشترط للأخذ بمقتضى الضرورة ما يلي:
أ - أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة، وتظهر هذه القاعدة في الفروع الفقهية المبنية على الرخص منها: يشترط الفقهاء لتحقق الإكراه خوف المكره إيقاع ما هدد به في الحال بغلبة ظنه، وبناء على هذا الشرط فقول المكره: لأقتلنك غدا، ليس بإكراه... اهـ.
وانظر للفائدة الفتويين: 29129، 106800.
والله أعلم.