الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الغراب الأبقع الذي يأكل الجيف هو من الفواسق التي يشرع قتلها من حيث الأصل، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحديا، والغراب، والكلب العقور.
لكن إذا كان الغراب الأبقع ينتفع به انتفاعا مباحا لا ضرر فيه؛ كالاصطياد ونحوه، فهل يجوز اقتناؤه وبيعه لذلك؟ الجواب: الظاهر هو القول بجواز اقتنائه وبيعه إذا كان ينتفع به بلا ضرر، ويحمل كلام العلماء في المنع من اقتناء الغراب الأبقع، وبيعه على ما فيه ضرر، ولا منفعة فيه.
جاء في حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج: قوله: وبيع كل طير وسبع لا ينفع، عبارة ابن حجر: وكل سبع لا ينفع كالفواسق الخمس، وكتب عليه ابن قاسم: قوله: كالفواسق إلخ، لو علم بعض الفواسق كالحدأة، أو الغراب للاصطياد، فهل يصح بيعه؛ لأنه صار منتفعا به؟ وعليه، فهل يزول عنه حكم الفواسق حتى لا يندب قتله، أو يستمر عليه حكمها؟ فيه نظر، وظاهر كلامهم أن الفواسق لا تملك بوجه ولا تقتنى، ثم رأيت في شرح العباب بعد كلام الأم وظاهره حرمة اقتنائها: أي الفواسق، وهو متجه، قال الشبراملسي: لكنه يمكن الحمل على ما فيه ضرر منها. اهـ.
وانظر الفتويين: 105306، 123902. وراجع للفائدة الفتوى: 110664.
والله أعلم.