الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يؤجر نفسه لعمل في ذمته للكافر وغيره، لأن ذلك لا يتضمن صَغارًا، ولا إِذْلَالًا للمسلم، وهذا الحاصل في صورة السؤال.
قال ابن قدامة -رحمه الله: وَلَوْ أَجَّرَ مُسْلِمٌ نَفْسَهُ لِذِمِّيِّ، لعَمَلٍ فِي ذِمَّتِهِ، صَحَّ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَجَرَ نَفْسَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ، يَسْتَقِي لَهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَأَتَى بِذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلَهُ ـ وَفَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا صَغَارَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ فِي مُدَّةٍ، كَيَوْمٍ، أَوْ شَهْرٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيلَاءً عَلَيْهِ، وَصَغَارًا، أَشْبَهَ الشِّرَاءَ، وَالثَّانِي، يَصِحُّ، وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، أَشْبَهَ الْعَمَلَ فِي ذِمَّتِه. انتهى.
وعليه؛ فلا حرج عليك في القيام بالعمل المطلوب منك، والذي تم عقد الإجارة عليه، وإن وجدت المستأجر كافرا، لما بيناه من أن ذلك لا يتضمن صغارا، ولا إِذْلَالًا للمسلم، فكان جائزا.
والله أعلم.