الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت في البعد عن اللعن، لأن اللعن لغير المستحق ليس من أخلاق المسلم، بل عليه أن يعود نفسه على حفظ لسانه عنه، وعن كل قول بذيء فاحش، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء. رواه الترمذي، وصحح إسناده الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار. وقوله: لاَ يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا. رواه مسلم.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وحسنه الألباني.
وأما ما يخرج منك بسبب التعود بعد أن عزمت على الابتعاد عن اللعن: فعلاج ذلك في مواصلة جهاد النفس في تركه، والتوبة إلى الله منه.
وأما لعنك لشخص معين رأيت منه معصية: فلا يجوز على الراجح من أقوال العلماء، لأنه قد يتوب، ومثل ذلك دعاؤك عليه أن يحشر مع الكفار، ويجوز عند أهل العلم لعن من جاز في حقهم اللعن عموما؛ كلعنة الله على الظالمين، أو المفترين ونحو ذلك.
قال ابن حجر الهيثمي في الزواجر: فالمعين لا يجوز لعنه، وإن كان فاسقا. اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: الفرق بين لعن المعين، ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم؛ فالأول ممنوع، والثاني جائز، فإذا رأيت من آوى محدِثًا؛ فلا تقل: لعنك الله، بل قل: لعن الله من آوى محدثًا، على سبيل العموم، والدليل على ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صار يلعن أناًسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله: اللهم العن فلانًا، وفلانًا، وفلانًا؛ نُهي عن ذلك بقوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ {آل عمران: 128} فالمعين ليس لك أن تلعنه، وكم من إنسان صار على وصف يستحق به اللعنة، ثم تاب، فتاب الله عليه. انتهى..
وراجع في حكم من سب الصحابة الفتوى: 36106.
والله أعلم.