الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الزوجة وقّعت على الورقة بغير اختيارها، ولكن أكرهها أبوها على التوقيع إكراها معتبرا؛ فلا يحنث الزوج في يمينه بتوقيعها مكرهة من أبيها، ولا يقع الطلاق، ولا يلزم الزوج شيء بخصوص هذه اليمين؛ لأنّ وقوع المحلوف عليه بسبب الإكراه؛ لا يحصل به الحنث.
جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج: ثم رأيتهم صرحوا بأنه لو علق بتكليمها زيدا، فكلمته ناسية، أو مكرهة، أو مجنونة لم يحنث. انتهى.
وقال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: فمن حلف على زوجته، أو نحوها لا تدخل دارا، فدخلتها مكرهة لم يحنث مطلقا. انتهى.
والإكراه المعتبر يكون عند غلبة الظن بحصول ضرر شديد، كالقتل، أو الضرب، ونحو ذلك.
جاء في تحبير المختصر: ومراده بذلك أن الإكراه الذي لا يثبت معه حكم يكون بخوف مؤلم من الضرب، أو القتل، أو السجن، أو نحو ذلك. انتهى.
وانظر الفتوى: 204502
أمّا إذا كانت الزوجة وقعت على الورقة بسبب أمر أبيها لها من غير إكراه معتبر؛ فقد حنث الزوج في يمينه ووقع طلاقه، سواء نوى الزوج إيقاع الطلاق بهذه اليمين، أم نوى بها مجرد التهديد، أو التأكيد ولم يقصد إيقاع الطلاق، وهذا قول أكثر العلماء، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي يرى أنّ الزوج إذا علق طلاق امرأته على أمر بقصد التهديد، والتأكيد، ولم يقصد إيقاع الطلاق؛ فلا يقع طلاقه بحنثه في يمينه، ولكن تلزمه كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592
والله أعلم.