الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت في إعطاء أمك تلك النقود؛ فإن عمك لم يُردْ بصدقته أمّك، وحيث كنتِ وكيلة عن عمك في إيصال صدقته، فالوكيل لا يتصرف خلاف ما أراد موكِّله.
وقد ذكرنا في فتاوى سابقة أنه إذا خالف الوكيل، فإن تصرفه موقوف على إجازة الموكل، أو رده.
قال ابن حزم في المحلى بالآثار: وَلَا يَحِلُّ لِلْوَكِيلِ تَعَدِّي مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ فِعْلُهُ. فَإِنْ فَاتَ ضَمِنَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]. اهـ.
وقال البهوتي في دقائق أولي النهى: وكل تصرف خالف الوكيل موكله فيه؛ فكتصرف الفضولي. اهـ.
فكان الواجب عليك إخبار عمك بحقيقة ما فعلت، وأنكِ لم تعطي تلك المرأة 600 جنيه، وإنما أعطيتها لأمك.
فإن عفا عنك؛ فذاك، وإن طالبك بالمال فرُدِّيه إليه؛ لكونك ضامنة للمال بتعديك.
ولا تتصرفي في المال بأي وجه من الوجوه إلا بإذن صاحب المال -عمك- فإن لم تستطيعي إخباره بحقيقة ما فعلتِ، فيلزمك أن تردي إليه المال بأي طريق يصل المال إليه، على وجه يعرف أن هذا ماله، ولو لم يعرف أنه منك.
والله أعلم.