الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قضيتَ دين أبيك تبرعا، بدون نية الرجوع على التركة؛ فإنه ليس لك أن ترجع عليها الآن. وكذا إن كنت أنفقت في تزويج أخواتك بدون نية الرجوع؛ فإنه ليس لك أن تطالب بما أنفقته عليهن الآن؛ لأن الرجوع في الهبة ممنوع شرعًا؛ لحديث: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ: يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
لا سيما الهبة للأرحام غير الفروع -الأولاد، وأولادهم-؛ فقد اتفق العلماء على عدم جواز الرجوع في الهبة لهم بعد القبض.
جاء في الموسوعة الفقهية: لَوْ وَهَبَ إِنْسَانٌ لِرَحِمِهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِيمَا وَهَبَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ، فَفِي غَيْرِ الْفُرُوعِ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِاتِّفَاقٍ. اهــ.
وأما إن كنت أنفقت تلك الأموال بنية الرجوع، فهي دين يجوز لك أن تطالب به.
وإن لم يصدقوك بأنك أنفقت بنية الرجوع، وقالوا إنك كنت متبرعًا لا مُقْرِضًا، ففي هذه الحالة إما أن تترك الأمر، وتحتسب عند الله -تعالى- ما أنفقت، وسيعوضك خيرا -بلا شك إن شاء الله تعالى- وهذا هو الأفضل.
وإما أن ترفع الأمر للقضاء الشرعي؛ للنظر في الدعاوى والبيات، والسماع من الأطراف كلها.
ومتى كان لك الحق في المطالبة بالدين، فإنك ترجع بما أنفقه في دين أبيك، وترجع به على التركة. وترجع بما أنفقته على إخوتك، وترجع به عليهم.
وأما هل تطالب بمثل المبلغ الذي أنفقته، أو بقيمته؟ فالأصل المثل ما لم يكن هناك غبن فاحش، أو انهيار للعملة.
وراجع تفصيل ذلك في الفتوى: 348040
والله أعلم.