الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغيرة المسلم على عرضه وعلى حرمات الله، دلالة خير، وعلامة إيمان، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه. وأصل الحديث في الصحيحين.
ولكن مما ينبغي أن يُعْلَم أن الغيرة منها المحمود ومنها المذموم، كما ثبتت بذلك السنة، ففي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الغيرة ما يحب الله، فأما ما يحب الله: فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره: فالغيرة في غير ريبة.
فانظر في حال زوجتك، فإن كانت مستقيمة وليس هنالك ما يدعو للريبة، فلا تمنعها من التواصل مع أخواتها، ويمكن أن تشير عليها بسلوك سبيل الاحتياط وعدم نشر صورها.
وإن كان هنالك ما يدعو للخوف عليها، فلك الحق في منعها، إذ الواجب عليك صيانة زوجتك ومنعها من أسباب الفتنة، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم: 6}.
قال القرطبي في تفسيره: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية، ففي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم ـ وعن هذا عبر الحسن في هذه الآية بقوله: يأمرهم وينهاهم. انتهى.
والحديث المذكور متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما.
والله أعلم.