الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه السورة مفسرة -ولله الحمد والمنة- تفسيرا واضحا بينا لا لبس فيه، والقول الذي أنكره السائل ذكره كثير من المفسرين، منهم: الحسن، وقتادة، والضحاك، ومقاتل، وفسروا الآية بمعنى: حططنا عنك ذنبك الذي سلف منك في الجاهلية، وجعلوه كقوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ {الفتح: 2}.
جاء في تفسير القرطبي: قَالَ الْمُحَاسِبِيُّ: يَعْنِي ثِقَلَ الْوِزْرِ لَوْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ -الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ- أَيْ أَثْقَلَهُ، وَأَوْهَنَهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا وُصِفَتْ ذُنُوبُ الْأَنْبِيَاءِ بِهَذَا الثِّقَلِ، مَعَ كَوْنِهَا مَغْفُورَةً، لِشِدَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا، وَنَدِمَهُمْ مِنْهَا، وَتَحَسُّرِهِمْ عَلَيْهَا.
ولا ريب أن غفران ما سلف من أمر الجاهلية قبل الإسلام من جملة نعمة الله ومنته على خلقه، فلا نكارة في ذكر ذلك في سياق الامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره تبع له، ولا تناقض البتة بين ذلك وبين كون الإسلام يجب ما قبله، وفي الآية أقوال أخرى كثيرة ومحتملة، ذكرها المفسرون.
هذا؛ وننبه أن أهل كل فن هم من يقرر مسائله، وأن الحق ليس مرتبطا بالضرورة بقناعة كل الناس بأنه هو الحق.
والله أعلم.