الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمقربون أعلى درجة عند الله تعالى من أصحاب اليمين، قال الإمام ابن كثير في تفسيره: فأما إن كان المحتضر من المقربين وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات فروح وريحان وجنة ونعيم، أي فلهم روح وريحان، وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت. انتهى.
وقال أيضاً: أصحاب اليمين هم الأبرار كما قال ميمون بن مهران أصحاب اليمين منزلتهم دون المقربين. انتهى.
والصنفان المذكوران في سورة الرحمن اختلف فيهما علماء التفسير على قولين:
القول الأول: أنهما المقربون وأصحاب اليمين، قال القرطبي في تفسيره: وقال ابن جريج: هي أربع، جنتان منها للسابقين المقربين فيهما من كل فاكهة زوجان وعينان تجريان، وجنتان لأصحاب اليمين فيهما فاكهة ونخل ورمان، وفيهما عينان نضاختان، وقال ابن زيد: إن الأوليين من ذهب للمقربين، والأخريين من ورِق لأصحاب اليمين.
قلتُ: إلى هذا ذهب الحليمي أبو عبد الله الحسن بن الحسين في كتاب منهاج الدين، واحتج بما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (الرحمن:46) إلى قوله: مُدْهَامَّتَانِ (الرحمن:64)، قال: تانك للمقربين، وهاتان لأصحاب اليمين. انتهى.
القول الثاني: أنهما صنفان من أهل الجنة متفاوتان في الخشية والخوف من الله تعالى، قال القرطبي أيضاً: فإن قيل: كيف لم يذكر أهل هاتين الجنتين كما ذكر أهل الجنتين الأوليين؟.
قيل: الجنان الأربع لمن خاف مقام ربه إلا أن الخائفين لهم مراتب، فالجنتان الأوليان لأعلى العباد رتبة في الخوف من الله تعالى، والجنتان الأخريان لمن قصرت حاله في الخوف من الله تعالى. انتهى.