الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من دفع رواتب الموظفين في دوائر الوقف من أموال الوقف، لأن صلاح مال الوقف لا يقوم إلا بهم أو من يقوم مقامهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولا شبهة على الآخذ في الأخذ كسائر الواجبات، كعامل الزكاة وناظر الوقف والوصي والمضارب والشريك والوكيل وسائر من تصرف لغيره بولاية أو وكالة إذا طلب منه حصة ما ينوب ذلك المال من الكلف، فإن لهم أن يؤدوا ذلك من المال، بل إن كان إذا لم يؤدوه أخذ الظلمة أكثر وجب، لأنه من حفظ المال. اهـ.
أما عن المال الوقفي، فإن زاد المال وفاض عن الجهة التي أوقف عليها صُرف لغيرها، فإن لم يكن ثم شرط للواقف صُرف هذا المال على المستحقين من أي صنف كانوا.
قال ابن قدامة في "المغني": وما فضل من حصر المسجد وزيته ولم يحتج إليه جاز أن يجعل في مسجد آخر أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه، قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يعان في مسجد آخر، أو كما قال، وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد، إذا فضل منه الشيء أو الخشبة قال: يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تخرقت تصدق بها. انتهى.
وقال في الاستدلال لذلك: وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تكثر عليها، فننزعها فنحفر لها آبارا فندفنها فيها، حتى لا تلبسها الحائض والجنب، قالت عائشة: بئس ما صنعت ولم تصب، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع، فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة وهذه قصة مثلها ينتشر، ولم ينكر فيكون إجماعا، ولأنه مال الله تعالى، لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 31284.
والله أعلم.