الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعلم أن عروض الأسعار هذه سوف تقدم لبنك ربوي بغرض الحصول على قرض ربوي محرم، فلا يجوز ذلك؛ لما فيه من إعانة على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.
والمعين على فعلٍ ما، والمتسببُ فيه، يكون مشاركا لصاحبه في تبعة فعله.
قال المازري في المعلم بفوائد مسلم:...... هذا الحديث أصل في أن المعونة على ما لا يحل لا تحل. وقال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ـ وقد جعل الدال على الخير كفاعله، وهكذا الدال على الشر كفاعله. اهـ.
والقاعدة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وراجع في معناها الفتوى: 50387.
وإذا لم يجز ذلك، لم يجز أخذ الأجرة عليه؛ لأن ما حرم فعله حرمت أجرته وثمنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله -عز وجل- إذا حرم أكل شيء، حرم ثمنه. رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني.
قال ابن عقيل في كتاب الفنون: لا شك أن من مذهب أحمد تحريم عوض كل محرم...
واستدل في تحريم عوض الحرام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها، وأكلوا أثمانها، إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه. اهـ.
وقال ابن هبيرة في الإفصاح: في هذا الحديث من الفقه أن ثمن الحرام حرام. اهـ.
وقال القرافي في الذخيرة: المنافع المحرمة لا تقابل بالأعواض. اهـ.
وقال الشيرازي في المهذب: لا تجوز -يعني الإجارة- على المنافع المحرمة؛ لأنه يحرم، فلا يجوز أخذ العوض عليه. اهـ.
وإما إذا كان المقصود بالقرض التمويلي: معاملة مباحة مع بنك إسلامي، على وفق المرابحة للآمر بالشراء، المنضبطة بالضوابط الشرعية، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.