الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هؤلاء الناس تبرعوا للسائق بالمال، وعيَّنوا له صرفه في معالجة الجرحى، ومواساة أهل المتوفين؛ فما تبقى معه من هذا المال؛ ليس له أن يأخذه لنفسه، أو يتصرف فيه في غير الغرض الذي عينه المتبرعون إلا بإذنهم، وأمّا إذا كانوا أعطوه المال، ولم يعينوا له مصرفه؛ فله أن يأخذ منه لحاجته.
قال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: أعطاه درهمًا وقال: ادخل به الحمام، أو دراهم وقال: اشتر بها لنفسك عمامة ونحو ذلك، ففي فتاوى القفال: أنه إن قال ذلك على سبيل التبسط المعتاد، ملكه وتصرف فيه كيف شاء، وإن كان غرضه تحصيل ما عيَّنَه لما رأى به من الشعث، والوسخ، أو لعلمه بأنه مكشوف الرأس، لم يجز صرفه إلى غير ما عيَّنَه. انتهى.
وقال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: وَيَتَّجِهُ: لَوْ دَفَعَ إنْسَانٌ نَحْوَ تَمْرَةٍ لِصَائِمٍ لِيُفْطِرَ عَلَيْهَا، وَكَذَا نَحْوُ ثَوْبٍ لِفَقِيرِ لِيَلْبَسَهُ، تَعَيَّنَ مَدْفُوعٌ لَهُ، أَيْ: لِمُسْتَحِقِّ قَبْضِهِ، فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ الْمُسْتَحِقُّ فِي غَيْرِ مَا دَفَعَ لِأَجْلِهِ. انتهى.
وليس لغير المتبَرَّع له أن يتصرف في هذا المال إلا بإذنه أو إذن المتبرعين.
والله أعلم.