الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الفرح بموت شخص على الكفر هو من الشماتة به؛ لأنه فرح بما ينزل به من مصاب ويصيبه من العذاب الذي لا قِبَل له به.
لكن يبقى النظر هل هذا جائز أو ممنوع؟
ذهب جمع من العلماء إلى جواز الدعاء على الكافر بسوء الخاتمة، وأن يموت على الكفر، لا محبة للكفر، ولكن ليكون أبلغ في عقوبته في الآخرة، واستدلوا لذلك بأدلة.
قال ابن علان في شرح رياض الصالحين، عند الكلام على دعاء سعد -رضي الله عنه- على ظالمه بقوله: وعرضه للفتن: ففيه جواز الدعاء على الظالم بالفتنة في دينه.
قال ابن المنير: وكان في النفس من ذلك شيء، وذلك أن الدعاء بمثله مستلزم وقوع المعاصي، حتى تأملت هذا الحديث فوجدته سائغاً.
والسبب فيه أن وقوع المعاصي لم يطلب من حيث كونها معاصي، لكن من حيث ما فيها من نكاية الظالم وعقوبته، كما أبيح تمني الشهادة، وندب مع أن فيه تمني قتل الكافر المسلم، وذلك معصية ووهن في الدين، وذلك لأن الغرض من تمني الشهادة؛ ثوابها لا نفسها.
ووجدت في دعوات الأنبياء كقول موسى: (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم). وقول نوح: (ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً). انتهى.
وقال في منح الجليل: وَفِي الذَّخِيرَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا يَكْفُرُ بِهِ، وَمِنْهُ تَأْخِيرُ إسْلَامِ مَنْ أَتَى يُسْلِمُ، وَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءُ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ لِلْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الْكُفْرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ إذَايَةِ الْمَدْعُوَّ عَلَيْهِ. انتهى.
فمن فرح بموت الكافر على الكفر من جهة أن العذاب يضاعف عليه، لا محبة للكفر؛ فهو من هذا القبيل.
والله أعلم.