الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، أو من ينوب منابه، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك، وأما المفتي: فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
وما يمكننا إفادة السائلة به على وجه العموم، لا في خصوص سؤالها، أن مكافأة نهاية الخدمة إذا نص عليها العقد صراحة، أو اطرد جريان العرف بها، فإنها حينئذ جزء من الأجرة، ويلزم دفعها للأجير، وله الحق في المطالبة بها إذا لم تدفع له، وأما إذا لم تكن مشروطة في العقد، ولم يطرد بها العرف، فهي هبة من المستأجر، والهبة تبرع من الواهب، وليس ملزما بدفعها، وراجعي في ذلك الفتويين: 94820، 192597.
وأما الفصل من العمل: فيفرق فيه بين الإجارة التي لها مدة معينة، فيلزم الوفاء بها من الطرفين، إلا لعذر معتبر، وبين الإجارة التي لم يحدد لها زمن، بل كان العقد مشاهرة، فالعقد فيها غير ملزم لأحد الطرفين، بل هو منحل من جهتهما، فأيهما أراد فسخ العقد فله ذلك، ما لم يدفع المستأجر الأجرة، أو يبدأ في الشهر الجديد، وراجعي الفتوى: 16084لمعرفة معنى العقد مشاهرة.
وللمزيد راجعي الفتويين: 129670، 169861.
والله أعلم.