الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك محتاجا للنفقة؛ فالواجب عليك أن تنفق عليه بالمعروف، ما دام عندك من المال ما تنفقه عليه زائدا عما تحتاجه لحاجاتك الأصلية، وانظر الفتوى: 20338
أمّا أخذه من مالك لغير حاجته؛ فلا حق له فيه عند جمهور العلماء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ للوالد أن يأخذ من مال ولده، ولو لم يكن محتاجا، بشرط ألا يجحف بمال ولده، وألا يأخذه ليعطيه لولد آخر.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها، صغيرا كان الولد، أو كبيرا، بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر...
وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته.
وعليه؛ فلا يلزمك أن تعطي والدك راتبك كله، ولا يلزمك أن تخبره بقدر راتبك، أو ما عندك من مال، ولك أن تدخر منه ما تشاء لمؤنة زواجك، أو تعمل به في التجارة، وما بقي معك بعد ذلك فالأولى أن تَصِل منه والدك، ولو لم يكن محتاجا، أو كان سيعطيه لوالدته وإخوته، ويجوز لك احتساب ما تعطيه لجدتك، وأعمامك من صدقة التطوع، وإن كانوا غير محتاجين، وراجع الفتوى: 411748
وينبغي عليك استعمال الحكمة، والمداراة مع أبيك، حتى تجمع بين القيام بحقّه، والحرص على استرضائه، وبين قيامك بحقّ نفسك في إعفافها بالزواج، وإصلاح مالك.
والله أعلم.