الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من العمليات التجميلية لإزالة ضرر، أو ألم، أو شين، فهو جائز، ومنه الحاجيّ، ومنه الضروريّ، كغيرها من العمليات الجراحية.
ولذلك نص قرار مجمع الفقه الإسلامي على جواز إجراء الجراحة التجميلية الضرورية، والحاجية التي يقصد منها إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها. وإصلاح العيوب الخَلقية مثل: الشفة المشقوقة (الأرنبية)، واعوجاج الأنف الشديد، والوحمات، والزائد من الأصابع، والأسنان، والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي، أو معنوي مؤثر.
وراجع في ذلك الفتوى: 226981.
والعمليات الجراحية المأذون فيها شرعا كغيرها من أنواع المداواة: حاجة ملحة من الحاجات الإنسانية، فإذا كان المريض محتاجا للعلاج ولا يملك ما يبذله في تحصيله، فهو من جملة الفقراء الذين يجوز لهم الأخذ من الزكاة بقدر ما يفي بحاجتهم؛ لأن الزكاة يقصد بها دفع الحاجة.
وانظر الفتاوى: 197357، 439384، 33132.
وعلى ذلك، فإن أعطى الطبيب زكاة ماله لمريض لا يجد نفقة علاجه، أو عمليته التي يحتاج إليها، فلا حرج في ذلك، طالما أنه يملِّكه المال، ولا يشترط عليه أن يقوم هو بالعملية، بل يكون للمريض مطلق التصرف في المال، حتى ولو شاء أن ينفقها في حاجة أخرى غير العلاج، من مطعم أو ملبس أو مسكن، أو غير ذلك من الحاجات.
وأما مسألة استفادة الطبيب من نشر نتائج العمليات الجراحية، فهذا لا يتعارض مع إخراج الزكاة؛ لأن ملك رقبة المال ومنفعته انتقلت للمحتاج، وهذا هو الواجب.
قال ابن نجيم في «البحر الرائق»: الواجب عليه الإخراج عن ملكه رقبة ومنفعة. اهـ.
ويبقى التنبيه على المقاصد والنيات، فإن الثواب متعلق بالنية وجودا وقدرا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث الآخر: لا أجر إلا عن حِسْبة، ولا عمل إلا بنية. رواه الديلمي وصححه الألباني بشواهده.
ولذلك ينبغي للطبيب أن يمحض نيته عند إخراج زكاته للتقرب إلى الله تعالى، ولا يلتفت لما قد يترتب على العملية من فائدة خاصة به.
والله أعلم.