الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن ذكر عيوب الشخص في غيابه من الغيبة المحرمة، لكن يستثنى من ذلك ما كان لغرض صحيح معتبر شرعا، لا يحصل إلا بها، كالتظلم، أو الاستفتاء، أو الاستشارة، أو التحذير، كما هو مبين في الفتوى: 150463.
وبه يتبين لك حكم ذكر إساءات جدتك في غيابها، وأن الأصل منعه، وأنه من الغيبة المحرمة، إلا إذا كان ذلك لغرض معتبر كالاستشارة، أو التحذير، أو نحو ذلك.
ونوصيكم جميعا -بمن في ذلكم أبوكم- بالصبر على ما يصدر من جدتك، واحتساب أجر ذلك عند الله، وأن تدفعوا إساءتها بالإحسان، كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}.
والعاقل يتغافل عن الزلات قدر الإمكان -لا سيما مع مثل الجدة- وأما تضخيم الزلات، والوقوف عند العثرات، فليس من أوصاف الكرام.
جاء في غذاء الألباب للسفاريني: تأمل العيب عيب، فالأولى التغافل، قال بعض الحكماء: العاقل هو الحكيم المتغافل، وقيل لبعض العارفين: ما المروءة؟ قال: التغافل عن زلة الإخوان. انتهى.
واستشعار كبر سن جدتك، وما قد يؤدي إليه من تغير في المزاج، وحدة في الطبع، يعينكم على التماس العذر لها.
والله أعلم.