الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصاحب المطعم على النحو المذكور لا يُكلف إلا بفعل نفسه، ولا يُسأل عن أعمال عملائه، فإذا فعل أحدهم منكرا، أو ارتكب إثما دون أن يعينه عليه، فعلى نفسه دون غيره من الناس، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} [النساء: 111].
قال الطبري في تفسيره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبًا على عَمْدٍ منه له ومعرفة به، فإنما يجترح وَبَال ذلك الذنب، وضُرَّه، وخِزْيه، وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.
وقال القرطبي في الجامع: (فإنما يكسبه على نفسه) أي عاقبته عائدة عليه. اهـ.
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105].
وقال سبحانه: {لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء: 84]، قال الواحدي في الوجيز: أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك. على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.
ويبقى أن المسلم بصفة عامة -وليس صاحب المطعم وحده- مطالب بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بقدر إمكانه، ووفق الضوابط الشرعية لذلك، وقد سبق لنا بيان وسائل، ومراتب، وشروط، وضوابط الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، في الفتاوى: 36372، 17092، 26058.
والله أعلم.