الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطواف على الشاذروان مما اختلف في صحته وإجزائه، فمذهب الأكثر أنه لا يصح، واختار شيخ الإسلام أن الشاذروان ليس من الكعبة، وإنما هو عماد لها.
وعليه؛ فيصح الطواف عليه، قال المرداوي في الإنصاف: الصَّحِيحُ مِن الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ إذَا طَافَ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ لَا يَجْزِيهِ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: أَنَّهُ لَيْسَ مِن الْكَعْبَةِ بَلْ جُعِلَ عِمَادًا لِلْبَيْتِ. انتهى.
وعلى هذا؛ فعمرتك صحيحة عند شيخ الإسلام -رحمه الله-، ولا يلزمك شيء، ويسعك العمل بهذا المذهب حتى على تقدير مرجوحيته، فإن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل، ومشقة التدارك مما سوغه كثير من أهل العلم كما في الفتوى: 125010، وبه تعلم أنه لا شيء عليك -إن شاء الله- في شيء من تلك العمرات.
وعلى القول بعدم إجزاء طوافك على الشاذروان، فإذا طفت في عمرتك الأولى طوافا غير مجزئ فإنك لا تزال محرما بذلك الإحرام حتى تأتي بالطواف، والسعي، وتتحلل، فطوافك بعد مرتين، والذي كان غير مجزئ كذلك لا يلزمك به شيء؛ لأنك لم تتحلل من عمرتك الأولى أصلا، وعليه؛ فأنت -والحال هذه- على إحرامك الأول لم تزل، فإن كنت مستطيعا الذهاب إلى مكة لزمك ذلك، فتأتي بالنسك ثم تتحلل، وإن كنت عاجزا عن الذهاب إلى مكة فحكمك حكم المحصر، فتتحلل بدم يذبح في مكة، ويوزع على فقراء الحرم، فإن عجزت صمت عشرة أيام كما يفعل المحصر، ثم تحللت بعدها.
وانظر الفتوى: 17069.
والله أعلم.