الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الهدايا التي يقدمها الزوج إلى زوجته عند العقد أو بعده من الحلي وغيره يرجع الحكم فيها إلى العرف أو الشرط، فإن جرى العرف بها أو اشترطت في العقد أو قبله فهي كالصداق تملكه كله بالدخول وتملك نصفه بالعقد الصحيح، أما إذا لم يكن هناك عرف ولا شرط فإن سماها هدية فلا يرتجعها مطلقا، سواء طلق قبل البناء أو بعده، أو مات قبل البناء أو بعده، وإن سماها عارية وأشهد سرا أو جهراً فله استرجاع ما بقي منها قائماً، سواء طلق أو مات أو فسخ النكاح أو كانت العصمة باقية، قال في فقه السنة ما معناه: أن الهدية التي يقدمها الزوج لزوجته تعتبر من الهبة، والهبة لا يجوز الرجوع فيها على الصحيح إذا كانت هبة لا لأجل العوض، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه أصحاب السنن.
قال التسولي في شرح تحفة الحكام لابن عاصم عند قوله:
وكل ما يرسله الزوج إلى زوجته من الهدايا والحلي: فإن تكن هدية سماها فلا يجوز أخذه إياها، قال: وهذا كله في الهدية المتطوع بها ولم تشترط ولا جرى عرف بها، وأما إن اشترطت في العقد أو قبله أو جرى بها عرف فهي كالصداق لأن العرف كالشرط، قال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل بن إسحاق المالكي: وفي تشطر هدية بعد العقد وقبل البناء، ولا شيء له وإن كانت قائمة لم تفت، قال: وهو المذهب، فإن بنى بها فلا شيء له منها ولو قائمة وهذا في النكاح الصحيح، قال الدسوقي: فإن بنى بها وطلقها فلا شيء له -يعني من الهدية- ولو قائمة لأن الذي أهدى لأجله قد حصل -وهو النكاح-.
هذا وننبه السائل إلى أنه عليه أن يعرض هذه المسألة على المحكمة الشرعية في بلده -إن وجدت- من أجل الاستماع من الطرفين والوقوف على حقيقة ما يجري به العرف في مثل هذه الهدايا من القطع الذهبية في ذلك البلد.
والله أعلم.