الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في حنثك في اليمين المذكورة في السؤال؛ هو قصدك، ونيتك بما تلفظت به؛ فالراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص.......ومنها، أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.
فإن كنت قصدت بيمينك منع زوجتك من مكالمة هذه المرأة مطلقا؛ فقد حنثت في يمينك بمكالمة زوجتك لها.
وأمّا إن كنت لم تقصد بيمينك منع زوجتك من مكالمتها في مثل الحال التي حصلت؛ فلم تحنث في يمينك.
وفي حال الحنث؛ فالمفتى به عندنا وقوع الطلاق، سواء قصدته بيمينك، أو قصدت مجرد التهديد، أو المنع، وهذا قول أكثر العلماء -بمن فيهم الأئمة الأربعة رحمهم الله-، وإذا لم يكن طلاقك مكمِّلًا للثلاث؛ فلك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592
وما دام في المسألة خلاف بين أهل العلم، وتفصيل يتوقف على معرفة نيتك؛ فالصواب أن تشافه من تمكنك مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم، والديانة، وتعمل بفتواهم.
واعلم أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه؛ فينبغي الحذر من الوقوع فيه.
وللفائدة راجع الفتوى: 476782
والله أعلم.