الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على اشتراط الولي لصحة النكاح، فلا يصحّ أن تزوج المرأة نفسها، بكراً كانت، أو ثيباً، كبيرة كانت، أو صغيرة، وهذا هو المفتى به عندنا خلافا لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله- الذي يرى صحة تزويج الرشيدة نفسها.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: المرأة البالغة العاقلة الحرة الرشيدة لا يجوز لها تزويج نفسها، بمعنى أنها لا تباشر العقد بنفسها، وإنما يباشره الولي عند جمهور الفقهاء؛ لحديث: لا نكاح إلا بولي.... ولا يجوز لها أن تزوج غيرها، سواء أكانت المرأة بكرا، أم ثيبا....... أما الحنفية: فإنه لا يجوز عندهم إجبار البالغة على النكاح بكرا كانت أم ثيبا، ولها أن تعقد النكاح بنفسها. انتهى مختصرا.
فإذا تزوجت المرأة الرشيدة بغير ولي، تقليدا لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله- مطمئنة لصحة هذا القول؛ فزواجها صحيح، وانظري الفتوى: 140134
وإذا رغبت المرأة في الزواج من كفء لها؛ فلا حقّ للولي في منعها من تزوجه، وإذا منعها؛ كان عاضلا لها، وجاز أن يزوجها الولي الأبعد، أو ترفع الأمر إلى القاضي، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد. نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. انتهى.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ بطلان الزواج الذي تمّ بغير ولي؛ وتصحيحه يكون بالإيجاب من الولي، أو وكيله، والقبول من الزوج، أو وكيله، في حضور شاهدين،
وولي المرأة على الترتيب، على القول الراجح عندنا، هو: أبوها، ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، وما دام لها ابن بالغ، فهو أحق بتزويجها؛ فإن رفض أبناؤها تزويجها؛ فيزوجها من بعدهم من الأولياء على الترتيب المذكور؛ فإن رفض جميع الأولياء، زوجها القاضي.
وننوه إلى أهمية توثيق عقد الزواج في المحاكم؛ لأنّ توثيق هذه العقود صار ضرورة واقعية؛ لحفظ الحقوق، وراجعي الفتويين التاليتين: 349690 ، 405094 .
والله أعلم.