الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطالما أن السائل لا يعلم حقيقة الواقع، ولا حال هذه الشقة، ولكن يعلم أن أباه وهذا الرجل ليسا سويين! فالأفضل أن يتورع عن قبولها.
قال ابن الجوزي في «تلبيس إبليس»: كان الصالحون لا يقبلون عطاء ظالم، ولا ممن فِي ماله شبهة. اهـ.
وانظر للفائدة، الفتوى: 364891.
ومع ذلك، فلا يحكم بحرمتها على السائل؛ لكون الأمر مشتبها وملتبسا، والغصب غير متيقن!
قال الخطابي في «معالم السنن»: ويدخل في هذا الباب معاملة من كان في ماله شبهة، أو خالطه ربى، فإن الاختيار تركها إلى غيرها، وليس بمحرم عليك ذلك ما لم يتيقن أن عينه حرام، أو مخرجه من حرام. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم اجتنبه. فمن علمت أنه سرق مالا، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق، لم يجز لي أن آخذه منه؛ لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة ...
وإن كان مجهول الحال: فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه ...
لكن إن كان ذلك الرجل معروفا - بأن في ماله حراما - ترك معاملته ورعا.
وإن كان أكثر ماله حراما، ففيه نزاع بين العلماء. اهـ.
والله أعلم.