الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا فعلت ما حلفت على عدم فعله -وهو مسامحة والدتك- فإنه تلزمك كفارة اليمين المبينة في قوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89}.
واعلمي أن من العقوق الذي يستوجب التوبة إلى الله الانفعال على الوالدة، ورفع الصوت عليها، وتهديدها بعدم المسامحة، فكل ذلك ينافي التوقير، والإجلال، والقول الكريم المأمور به تجاه الوالدين، كما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.
وحتى في باب النصحية، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فإن للوالدين خصوصية، فلا يعنفان، ولا يغلظ لهما القول، جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.
والله أعلم.