الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحقوق لا تثبت في الذمة إلا باليقين، أو غلبة الظن بحصول موجبها، أما مع عدم اليقين، أو مجرد الشك، فالأصل براءة الذمة؛ فلا تشغل إلا بأمر متحقق، أو ظن غالب.
قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: لو شك هل لزمه شيء من ذلك، أو لزمه دين في ذمته، أو عين في ذمته... فلا يلزمه شيء من ذلك؛ لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم، والأجساد من حقوقه، وحقوق العباد، إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.
وقال الجويني في غياث الأمم: كل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين، فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات، والحقوق الخاصة، والعامة. اهـ.
وعلى ذلك، فإن كان ما ذكره السائل مجرد شك، فلا يجب به شيء.
وأما إن كان ظنا غالبا، فعلى السائل أن يتحرى، ويبحث عن صاحب السيارة للتأكد منه، أو مصالحته، أو طلب مسامحته، فإن الأحكام الشرعية تبنى على الظنون الغالبة.
قال الشاطبي في الموافقات: الشارع قد أجرى الظن في ترتب الأحكام مجرى القطع، فمتى ظن وجود سبب الحكم استحق السبب للاعتبار؛ فقد قام الدليل القطعي على أن الدلائل الظنية تجري في فروع الشريعة مجرى الدلائل القطعية. اهـ.
وقال المقري في قواعده: المعتبر في الأسباب، والبراءة، وكل ما ترتبت عليه الأحكام: العلم، ولما تعذر، أو تعسر في أكثر ذلك، أقيم الظن مقامه؛ لقربه منه. اهـ.
وراجع الفتوى: 249868.
والله أعلم.