الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحسن عزاءك في أمك، وجزاك الله خيرا على حرصك على حسن العلاقة مع زوجة أبيك، وتصرفاتك الحسنة تجاهها.
وقد جعل الشرع مكانة عظيمة للعلاقة بين زوجة الأب، وأولاده من غيرها، فجعل الأبناء محارم لها، وحرم عليهم الزواج منها، قال تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا {النساء: 22}.
فينبغي أن يراعي الطرفان هذه العلاقة، فيكرمها الأبناء، وتكون هي لهم بمنزلة الأم التي ولدتهم. فيجدوا منها العطف، والحنان، وخاصة عند فقد أمهم.
وإن لم تفعل زوجة الأب ذلك، بل رأوا منها الكراهية، وعدم الاهتمام، فلا شك في أن هذا خلاف ما كان ينبغي، ولكن مجرد الكراهية، ونحوها من الأمور القلبية، لا مؤاخذة عليها فيها؛ لأنها لا اختيار لصاحبها فيها، قال الله عز وجل: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}.
وإن صدرت منها أذية لك بقول، أو فعل، فإنها تأثم بذلك، فأذية المسلم محرمة، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58}.
وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.
وأنت -والحمد لله- قد بلغت مبلغ النساء، فننصحك بأن تسعي في سبيل الزواج، فلعل الله يرزقك زوجاً صالحاً يعينك في أمر دينك، ودنياك.
والمرأة يجوز لها شرعا أن تبحث عن الرجل الصالح؛ ليتزوجها، أو تعرض نفسها عليه في حدود آداب الشرع، كما بينا في الفتوى: 108281.
والله أعلم.