الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في التعاون مع الورثة في البحث عمن يستحق الوصية، وهذا من التعاون على الخير؛ لأن الوصية للفقراء، والمساكين بما لا يزيد على الثلث مشروعة، وتنفيذها واجب شرعا.
فالتعاون معهم على تنفيذها تعاون على أمر واجبٍ، وصدقة يؤجر عليها الموصي، ومن أعان على تنفيذها إن شاء الله تعالى، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. {سورة المائدة:2}.
وفي الحديث: وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
ولا حاجة إلى النظر في أصل ماله، هل هو من كسب طيب، أو خبيث إذا لم تعلموا أن الميت كان كسبه حراما؛ لأن الأصل في المسلم السلامة، لا التهمة، ومن لم يُعرف بأكل الحرام، لا يظن به السوء، ولا يُنقب عن أصل ماله، وهذا من التنطع، وماله حلال، لا يحرم على الورثة بمجرد الشك، أو بمجرد عدم العلم بطريقة كسبه.
قال النووي في المجموع: مَنْ وَرِثَ مَالًا، وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ كَسَبَهُ مُوَرِّثُهُ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ حَرَامٍ، وَلَمْ تَكُنْ عَلَامَةً، فَهُوَ حَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا، وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ بِالِاجْتِهَادِ. اهــ.
وانظر الفتوى: 57974.
والله أعلم.