الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقّ الزوج أن يماطل في الدخول بالزوجة إذا أرادت الدخول، ولم يكن للزوج عذر معتبر، ويجب عليه في هذه الحال أن ينفق عليها بالمعروف.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا تزوج امرأة، مثلها يوطأ، فطلب تسليمها، إليه وجب ذلك، وإن عرضت نفسها عليه، لزمه تسلمها، ووجبت نفقتها. انتهى.
فإذا امتنع الزوج من تسلم الزوجة دون عذر، وتأذت بذلك؛ فلها حينئذ طلب الطلاق، أو الخلع، فالمرأة إذا كان عليها ضرر، أو أذى في البقاء في العصمة؛ فلا حرج عليها في سؤال الطلاق، أو الخلع، ولا يلحقها الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت زَوجهَا الطَّلَاق من غير مَا بَأْس، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ.
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وفيه أن الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن بسبب يقتضي ذلك. انتهى.
وقال المناوي -رحمه الله- في شرح الجامع الصغير: أَي: فِي غير حَال شدَّة تدعوها لذَلِك. انتهى.
وقال السندي -رحمه الله- في حاشيته على سنن ابن ماجه: أَيْ: فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا. انتهى.
وكذا حديث: المختلعات هن المنافقات ـ على فرض صحته؛ محمول على طلب الخلع لغير مسوّغ.
قال ابن الأثير -رحمه الله- في النهاية في غريب الحديث والأثر: يَعْنِي اللَّاتِي يَطْلُبْن الخُلْعَ، وَالطَّلَاقَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ بِغَيْرِ عُذر. انتهى.
ونصيحتنا لك؛ أن لا تتعجلي في طلب الطلاق، أو الخلع، وأن تتفاهمي مع زوجك، وتتعرفي على أسباب تأخيره الدخول، وأسباب عدم سؤاله عنك؛ فإن كان له عذر فاصبري حتى يزول العذر، وإذا لم يكن له عذر، أو كنت متضررة من الانتظار طويلا؛ فلا حرج عليك في طلب الطلاق، حتى لا تظلي معلقة لا ذات زوج، ولا أيما.
والله أعلم.