الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان حريا بالأخ الأكبر أن يسامح أخاه، فالشأن في المؤمن أن يصفح، ويعفو، ويقبل العذر من إخوانه، فقد قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ {النور: 22}.
وقال أيضاً: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى: 40}.
وقال تعالى: وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {التغابن:14}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما زاد الله عبداً بعفوا إلا عزاً. رواه مسلم.
ولمزيد من الترغيب في العفو، والصفح، وكظم الغيظ راجع الفتوى: 54408.
وأما عفو الأخ عن أخيه، وحديثه في نفسه بإسقاط حقه عليه: فلا يأخذ حكم الهبة اللازمة بذلك، وله المطالبة بحقه؛ ولا يعتبر من الرجوع في الهبة، لأن الإبراء من أركانه الصيغة عند عامة الفقهاء، والنية وحدها لا يصح بها الإبراء.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: للإبراء أربعة أركان بحسب الإطلاق الواسع للركن، ليشمل كل ما هو من مقومات الشيء، سواء أكان من ماهيته، أم خارجا عنها، كالأطراف، والمحل، وهو ما عليه الجمهور، فالأركان عندهم هنا: الصيغة، والمبرئ -صاحب الحق، أو الدائن- والمبرأ -المدين- والمبرأ منه -محل الإبراء من دين، أو عين، أو حق- وركنه عند الحنفية هو: الصيغة فقط، أما المتعاقدان، والمحل فهي أطراف العقد، وليست ركنا لما سبق.... اهـ.
والله أعلم.