الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الابن البالغ لا تجب نفقته على أبيه، إلا أن يكون عاجزًا، كالمريض، والزَّمِن، ونحوه.
وذهب الحنابلة إلى وجوب نفقة الابن على أبيه إذا كان فقيرا، لا مال له، ولا كسب، ولو كان بالغا صحيحا.
قال ابن قدامة: ولا يشترط في وجوب نفقة الوالدين، والمولودين، نقص الخلقة، ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب.
وقال المرداوي: شمل قوله: وأولاده وإن سفلوا، الأولاد الكبار، الأصحاء، الأقوياء، إذا كانوا فقراء. وهو صحيح، وهو من مفردات المذهب. انتهى.
وحد النفقة الواجبة للأولاد قدر الكفاية للحاجات الأساسية، حسب العرف، والعادة. قال الحجاوي: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز، والأدم، والكسوة، والمسكن بقدر العادة. انتهى.
وانظر الفتوى: 59707
فإن كان أبوك ينفق عليك بالمعروف؛ فلا يجوز لك أن تأخذ شيئا من ماله دون إذنه.
وأمّا إن كُنت مستحقا للنفقة على أبيك؛ وكان لا ينفق عليك تمام النفقة الواجبة بالمعروف؛ فلك في هذه الحال أن تأخذ من ماله دون علمه، قدر ما تكمل به النفقة الواجبة بالمعروف فقط، دون زيادة.
جاء في مطالب أولي النهى، في شرح غاية المنتهى: وَلِمُسْتَحِقِّهَا، أَيْ: النَّفَقَةِ، الْأَخْذُ مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ، بِلَا إذْنِهِ، مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ؛ لِحَدِيثِ هِنْدَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ، وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ, وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ. انتهى.
واعلم أنّ لأبيك عليك حقا عظيما حتى وإن كان ظالما لك، وانظر الفتوى: 435385.
والله أعلم.